حسنـــى
الآمرة الناهية، صاحبة المشورة والرأي صاحبة الكلمةالأخيرة دائما، تجلس على عرشها بجانب زوجها الملك، الذي لا حول له ولا قوة، تنظرفي القضايا المهمة وتستقبل الرسل والهدايا من الإمبراطوريات البعيدة وتقضي بقيةالنهار تتنزه في أرجاء القصر تأمر وتنهي، وفي المساء تستقبل ثلة من المشاهيرالشعراء، ممثلين، مغنين، وراقصين، وعند اقتراب الفجر تنتهي السهرة. وتأوي الملكةلمضجعها الملكي تمضي الليلة بين أحضان أحد شبان القصر، وقد اتخذته خليلا لها، تغدقعليه أموالها وكنوزها، ومكنونات قلبها، بينما ملكنا وحيد يقضي ليلته بين الكتبوالمجلدات في حضن مكتبته، التي ضمت مخطوطات نادرة، كل ما استطاع الملك جمعه منأسفاره وهدياه.
ازداد علما ووقارا وحكمة، غير أن حكمته غلبها خبت الملكةودهاء وزيرها وكاتم أسرارها السيد شكيب، وهو من دفع الملك للزواج من حسنى، وهي منالرعايا، ولا تنتميلأسرة عريقة، غير أنها تمتعت في شبابها بجمال أخاذ ونادر بين قريناتها،ويقال أيضا أن أباها كان غريبا عن البلاد، مما جعل جمالها مختلف ونسبها غيرمعروفا، وهذا لم يمنع ملكنا بالزواج منها، ومنحها لقب ملكة البلاد، وبعد القرانبفترة أصيب الملك الشاب بكسر على مستوى عموده الفقري أفقده القدرة على المشي،وعانى من تبعات المرض الجسدي إلى مرض نفس، وقد تاه عن عرشه وشعبه، تاركا المكانلزوجته التي أطلقت العنان لتلبية رغباتها، فأنفقت ثروات البلاد في شراء الحليوالجواهر النادرة، والفساتين الغالية، وأغدقت عشاقها بأموال الخزينة، فغدت المملكةفقيرة والشعب أثقلته الضرائب والمكوس، فغدا معظم شباب الشعب للصوص، وأثارت المجاعةفي السكان وحقدهم على الملك الشاب.
- وفي ليلة من الليالي استيقظ الملك، إثر سماعه أصواتخافتة على مقربة من مضجعها، وما كاد يفتح عيناه، حتى وضع سيفا على عنقه، وأمر بالتزامالصمت.
- فالتزام الملك الصمت، بينما شخصان يجولان داخل الغرفةبحثا عن شيء ما.
اقترب حامل السيف من أدن الملك وهمس له.
- أين ثروة الشعب أيها الملك الخائن ؟
- فأجاب الملك، وهو يرتجف كل الخزائن، هي بحوزة الملكة،وأنه لا يملك سوى خزانة الكتب والمخطوطات.
- مخطوطاتك لا تسد رمقا شعبك أيها الملك، أجاب صوت منبعيد، فتبين من خلال الصوت أن القاتل الثاني امرأة، وكيف لها أن تكون بهذه الجرأةلتدخل مضجع الملك محاولة قتله وسرقته ؟ أم هو الجوع الذي غير نساء أمتي ليجعل منهنسارقات ؟ ماذا فعلت يا إلهي بشعبي ؟
لقد منحتني الهبة والملك والنبل، لكنني عجزت عن تحملمصابي الصغير هو المرض، ليصبح مصابي في أمتي أكبر، يا إله لقد كان شعبي يضم مفكرينشعراء، رسامة وعلماء أم الآن فقد أصبحت الأمهات سارقات، فكيف سيكون أبناءهن إذن ؟
استغرق الملك في التفكير للهنيهة، لكن سرعان ما عادللواقع، بعدما تسارعت الخطوات بحثا عن المال، وتسارعت دقات قلب الملك، وساد التوترالمضجع الملكي.
وفجأة اهتز السرير اهتزازا، ورفع السيف عن عنق الملك،فتنفس هذا الأخير الصعداء، غير أن القاتل استشاط غضبا وصرخ قائلا:
§ أتخاف الموت أيها الملك ؟
§ نعم، ومن منا لا يخافه ؟
§ ألم تعلم أيضا الملك، أنه لو تحررت منالجبن، والخوف، وكراهية الموت، وأيقنت من قرارة نفسك، أنك خلقت لهدف سام، وغايةنبيلة، وأنك حملت أمانة شعبك، فإن لم تكن على مستوى المسؤولية وعلى بصيرة وهدى،فإن الأمة – لاشك – ستكون عصبة من الفاسدين والمنحرفين.
§ فما أحوج أمتك إلى سادة يعرفونواجباتهم، لنجد أبناء الجيل وقد اكتملت شخصياتهم، وصلحت سريرتهم، وسمت أخلاقهم،وتحررت من الآفات النفسية قلوبهم.
واسترسل القاتل بالتأنيب، بينما ملكنا خاضع مستسلم، ثمبدت على محياه بعض القطرات من الدموع، لقد كان القاتل محقا، فالملك لا حول ولاقوة، والشعب يتضور جوعا، وسادت الدولة فوض لدرجة، وصولها للمضجع الملك.
- وهم السارق بالانصراف، غير أن الملك أوقفه.
-أتستطيع أن تعود غدا ؟
- أعودغدا وهل جننت ؟ لأجد حراسك بانتظاري، ليقودني للساحة الكبرى، ويتم شنقي.
- أعدكأنه لن يتم ذلك ؟
- أتعدني،وماذا عن الوعد الذي أعطيته أمتك، ثم اختفيا في الظلام.
وفي الليلة الموالية عاد القاتل، ليجد ممتلكات وخزائنالملكة قرب المضجع، ويجد بمحاذاتها ورقة كتب عليها.
يا سيدي،
اليومطهرت نفسي، اليوم حملت زادي ورحلت، اليوم أديت الأمانة، اليوم كفكفت دموع أحزان أمتي،اليوم الجائع، ويسقى الظمآن، وتعلم الجاهل، ويكفل اليتيم، ويغاث الملهوف، حتى إذاشب أولاد شعبي، أدواما عليهم دون تواكل أو تردد أو قنوط، دون إهمال الحق أو تقصير في واجب، بلكانت معاملاتهم وآدابهم وأخلاقهم على أحسن ما رأى الناس، وأسمى مما يتصوره الخيالاليوم الملك والمملكة لكم.
والله ولكم التوفيق
- وفي الصباح نادي المنادي بموت الملكة والملك وزوالالمملكة للغياب الوريث.
رسوان بشری
الآمرة الناهية، صاحبة المشورة والرأي صاحبة الكلمةالأخيرة دائما، تجلس على عرشها بجانب زوجها الملك، الذي لا حول له ولا قوة، تنظرفي القضايا المهمة وتستقبل الرسل والهدايا من الإمبراطوريات البعيدة وتقضي بقيةالنهار تتنزه في أرجاء القصر تأمر وتنهي، وفي المساء تستقبل ثلة من المشاهيرالشعراء، ممثلين، مغنين، وراقصين، وعند اقتراب الفجر تنتهي السهرة. وتأوي الملكةلمضجعها الملكي تمضي الليلة بين أحضان أحد شبان القصر، وقد اتخذته خليلا لها، تغدقعليه أموالها وكنوزها، ومكنونات قلبها، بينما ملكنا وحيد يقضي ليلته بين الكتبوالمجلدات في حضن مكتبته، التي ضمت مخطوطات نادرة، كل ما استطاع الملك جمعه منأسفاره وهدياه.
ازداد علما ووقارا وحكمة، غير أن حكمته غلبها خبت الملكةودهاء وزيرها وكاتم أسرارها السيد شكيب، وهو من دفع الملك للزواج من حسنى، وهي منالرعايا، ولا تنتميلأسرة عريقة، غير أنها تمتعت في شبابها بجمال أخاذ ونادر بين قريناتها،ويقال أيضا أن أباها كان غريبا عن البلاد، مما جعل جمالها مختلف ونسبها غيرمعروفا، وهذا لم يمنع ملكنا بالزواج منها، ومنحها لقب ملكة البلاد، وبعد القرانبفترة أصيب الملك الشاب بكسر على مستوى عموده الفقري أفقده القدرة على المشي،وعانى من تبعات المرض الجسدي إلى مرض نفس، وقد تاه عن عرشه وشعبه، تاركا المكانلزوجته التي أطلقت العنان لتلبية رغباتها، فأنفقت ثروات البلاد في شراء الحليوالجواهر النادرة، والفساتين الغالية، وأغدقت عشاقها بأموال الخزينة، فغدت المملكةفقيرة والشعب أثقلته الضرائب والمكوس، فغدا معظم شباب الشعب للصوص، وأثارت المجاعةفي السكان وحقدهم على الملك الشاب.
- وفي ليلة من الليالي استيقظ الملك، إثر سماعه أصواتخافتة على مقربة من مضجعها، وما كاد يفتح عيناه، حتى وضع سيفا على عنقه، وأمر بالتزامالصمت.
- فالتزام الملك الصمت، بينما شخصان يجولان داخل الغرفةبحثا عن شيء ما.
اقترب حامل السيف من أدن الملك وهمس له.
- أين ثروة الشعب أيها الملك الخائن ؟
- فأجاب الملك، وهو يرتجف كل الخزائن، هي بحوزة الملكة،وأنه لا يملك سوى خزانة الكتب والمخطوطات.
- مخطوطاتك لا تسد رمقا شعبك أيها الملك، أجاب صوت منبعيد، فتبين من خلال الصوت أن القاتل الثاني امرأة، وكيف لها أن تكون بهذه الجرأةلتدخل مضجع الملك محاولة قتله وسرقته ؟ أم هو الجوع الذي غير نساء أمتي ليجعل منهنسارقات ؟ ماذا فعلت يا إلهي بشعبي ؟
لقد منحتني الهبة والملك والنبل، لكنني عجزت عن تحملمصابي الصغير هو المرض، ليصبح مصابي في أمتي أكبر، يا إله لقد كان شعبي يضم مفكرينشعراء، رسامة وعلماء أم الآن فقد أصبحت الأمهات سارقات، فكيف سيكون أبناءهن إذن ؟
استغرق الملك في التفكير للهنيهة، لكن سرعان ما عادللواقع، بعدما تسارعت الخطوات بحثا عن المال، وتسارعت دقات قلب الملك، وساد التوترالمضجع الملكي.
وفجأة اهتز السرير اهتزازا، ورفع السيف عن عنق الملك،فتنفس هذا الأخير الصعداء، غير أن القاتل استشاط غضبا وصرخ قائلا:
§ أتخاف الموت أيها الملك ؟
§ نعم، ومن منا لا يخافه ؟
§ ألم تعلم أيضا الملك، أنه لو تحررت منالجبن، والخوف، وكراهية الموت، وأيقنت من قرارة نفسك، أنك خلقت لهدف سام، وغايةنبيلة، وأنك حملت أمانة شعبك، فإن لم تكن على مستوى المسؤولية وعلى بصيرة وهدى،فإن الأمة – لاشك – ستكون عصبة من الفاسدين والمنحرفين.
§ فما أحوج أمتك إلى سادة يعرفونواجباتهم، لنجد أبناء الجيل وقد اكتملت شخصياتهم، وصلحت سريرتهم، وسمت أخلاقهم،وتحررت من الآفات النفسية قلوبهم.
واسترسل القاتل بالتأنيب، بينما ملكنا خاضع مستسلم، ثمبدت على محياه بعض القطرات من الدموع، لقد كان القاتل محقا، فالملك لا حول ولاقوة، والشعب يتضور جوعا، وسادت الدولة فوض لدرجة، وصولها للمضجع الملك.
- وهم السارق بالانصراف، غير أن الملك أوقفه.
-أتستطيع أن تعود غدا ؟
- أعودغدا وهل جننت ؟ لأجد حراسك بانتظاري، ليقودني للساحة الكبرى، ويتم شنقي.
- أعدكأنه لن يتم ذلك ؟
- أتعدني،وماذا عن الوعد الذي أعطيته أمتك، ثم اختفيا في الظلام.
وفي الليلة الموالية عاد القاتل، ليجد ممتلكات وخزائنالملكة قرب المضجع، ويجد بمحاذاتها ورقة كتب عليها.
يا سيدي،
اليومطهرت نفسي، اليوم حملت زادي ورحلت، اليوم أديت الأمانة، اليوم كفكفت دموع أحزان أمتي،اليوم الجائع، ويسقى الظمآن، وتعلم الجاهل، ويكفل اليتيم، ويغاث الملهوف، حتى إذاشب أولاد شعبي، أدواما عليهم دون تواكل أو تردد أو قنوط، دون إهمال الحق أو تقصير في واجب، بلكانت معاملاتهم وآدابهم وأخلاقهم على أحسن ما رأى الناس، وأسمى مما يتصوره الخيالاليوم الملك والمملكة لكم.
والله ولكم التوفيق
- وفي الصباح نادي المنادي بموت الملكة والملك وزوالالمملكة للغياب الوريث.
رسوان بشری
الأحد يونيو 26, 2016 3:52 pm من طرف ايماركتنج مصر
» جمعية أم البنين للعناية بالاسرة الرشيدية
الأحد يوليو 21, 2013 8:49 am من طرف Admin
» جمعية العون والاغاثة طنجة
الأحد يوليو 21, 2013 8:46 am من طرف Admin
» مؤسسة بسمة للتنمية الاجتماعية
الأحد يوليو 21, 2013 8:41 am من طرف Admin
» منتدى الزهراء للمرأة المغربية الرباط
الأحد يوليو 21, 2013 8:38 am من طرف Admin
» groupe de association ibdaa sur facebook
السبت ديسمبر 15, 2012 4:25 pm من طرف Admin
» اكلات للصيف اتمنى ان تنال اعجابكم
الإثنين يوليو 02, 2012 10:21 am من طرف خولة زين الدين
» طريقة كتابة الأحرف العربية بالفوتوشوب
الإثنين يوليو 02, 2012 10:03 am من طرف خولة زين الدين
» مكتبه الفوتوشوب الكامله
الإثنين يوليو 02, 2012 10:00 am من طرف خولة زين الدين
» 5 خلطات طبيعيه لتمليس الشعر المجعد
الأربعاء يونيو 27, 2012 2:37 pm من طرف خولة زين الدين
» احذر من وجود هذه الكلمات على ملابسك
الأربعاء يونيو 27, 2012 2:26 pm من طرف خولة زين الدين
» حوار بين آدم و حواء - مناقشة مثيرة تعال اسمع
الأربعاء يونيو 27, 2012 2:22 pm من طرف خولة زين الدين
» ســجــل حــضــورك بـنـصــيــحــه لـ آدم .......
الأربعاء يونيو 27, 2012 2:17 pm من طرف خولة زين الدين
» اقلام تنير الظلام واخرى طلمها الزمان
الأربعاء يونيو 27, 2012 2:10 pm من طرف خولة زين الدين
» تعريف صغيرلبلد الحبيبة المغرب
الإثنين يونيو 18, 2012 2:32 pm من طرف امين ابن عاص
» Salade ratatouille
الأحد فبراير 27, 2011 7:32 am من طرف XcHoupAa
» مادة علومالحياة والأرض درس البراكين الثانية إعدادي
الثلاثاء ديسمبر 28, 2010 3:14 am من طرف zaytouna
» الحمقاء
الجمعة ديسمبر 24, 2010 9:10 am من طرف رسوان بشرى
» ظل ظلي
الجمعة ديسمبر 24, 2010 9:05 am من طرف رسوان بشرى
» وداع
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 10:01 am من طرف رسوان بشرى
» انسان و لكن
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:59 am من طرف رسوان بشرى
» عن العيون
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:56 am من طرف رسوان بشرى
» الــزاهــد 1
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:51 am من طرف رسوان بشرى
» صاحبي
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:48 am من طرف رسوان بشرى
» الصفحة البيضاء
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:42 am من طرف رسوان بشرى
» حسنـــى
الأربعاء ديسمبر 22, 2010 9:39 am من طرف رسوان بشرى
» ما هو تقييمك لموقع جمعية الإبداع للتربية و الثقافة ؟
الأحد ديسمبر 05, 2010 5:11 am من طرف mehdiben
» سفينتي رست بمنتداكم
الإثنين يوليو 19, 2010 11:12 am من طرف لقاء الخير
» فوائد ماء الورد
الأحد يوليو 18, 2010 7:06 am من طرف خولة زين الدين
» أقوال
الخميس يوليو 15, 2010 6:43 am من طرف لقاء الخير